حب الله الموحدين
عن " مالك بن دينار " قال : احتبس علينا المطر بالبصرة فخرجنا يوما بعد يوم نستسقى فلم أثرا للإجابة ، فخرجت أنا و" عطاء السلمي " و" ثابت البنانى " و " محمد بن واسع " ، و " حبيب الفارسي " و " صالح المرى " في آخرين حتى صرنا إلى المصلى بالبصرة فاستسقينا فلم نر أثر الإجابة ، فانصرف الناس وبقيت أنا و" ثابت البنانى " في المصلى بالبصرة فاستسقينا فلم نر اثر الإجابة ، فانصرف الناس وبقيت أنا و" ثابت البنانى " في المصلى فلما أظلم الليل إذ بأسود دقيق الساقين عظيم البطن عليه مئزران من صوف فجاء إلى ماء فتمسح ، ثم صلى ركعتين خفيفتين ، ثم رفع طرفه إلى السماء فقال : سيدي إلى كم ترد عبادك فيما لا ينقص من خزائنك ؟ أنفذ ما عندك ؟ أقسمت عليك بحبك لي إلا سقيتنا الساعة ، فما أتم كلامه حتى تغيمت السماء وأمطرت كأفواه القرب ، فما خرجنا حتى خضنا الماء ، فتعجبنا منه ، فتعرضت له وقلت : أما تستحي فيما قلت ؟ قال : وما قلت ؟ فقلت له : قولك : بحبك لي وقلت : أما تستحي فيما قلت ؟ قال : وما قلت ؟ فقلت له : قولك : بحبك لي وما يدريك أنه يحبك ؟ فقال : عن همتي ، يامن اشتغل عنه بنفسه ، أين كنت أنا حين خصني بتوحيده ومعرفته ؟ أتراه بدأني بذلك إلا لمحبته لي ؟ ثم بادر يسعى فقلت : أرفق بنا ، فقال : أنا مملوك وعلى فرض لمالكي الصغير ، فدخل دار نخاس فلما أصبحنا أتيت النخاس فقلت له : عندك غلام تبيعه للخدمة ؟ قال : نعم عندي مائة غلام فجعل يخرج إلى واحدا بعد واحد ، وأنا أقول غير هذا إلى أن قال : ما بقى عندي أحد ، فلما خرجنا إذا بالغلام الأسود قائم في حجرة خربة فقلت : بعني هذا الغلام ، فقال : هذا غلام شؤم لا همة له إلا البكاء فقلت : ولذلك أريده فدعاه وقال لي : خذه بما شئت بعد أن تبرئني من عيوبه ، فاشتريته بعشرين دينارا فلما خرجنا قال : يامولاى لماذا اشتريتني ؟ فقلت : لنخدمنك نحن ، قال : ولم ذلك ؟ فقلت : أليس أنت صاحبنا البارحة بالمصلى ؟ قال : وقد اطلعت على ذلك ؟ فجعل يمشى حتى أتى مسجدا ، فصلى ركعتين ، ثم قال : الهي سر كان بيني وبينك أظهرته للمخلوقين ، أقسمت عليك إلا قبضت روحي الساعة ، فإذا هو ميت من ساعته .
ما يطول العمر
دخل "سليمان بن عبد الملك" مسجد دمشق فرأى شيخا من الأعراب فقال له : ياشيخ أيسرك أن تموت ؟ فقال الاعرابى : لا والله ، فقال " سليمان " : ولماذا ياشيخ ، وقد بلغت من السن ما أرى ، فقال : ياامير المؤمنين ، ذهب الشباب وشره ، وجاء المشيب وخيره ، فانا إذا قمت حمدت الله ، وإذا قعدت حمدت الله ، واني أحب أن تدوم هاتان الخصلتان ، قال سليمان : فما كان عملك الذي تظن انه سيطول عمرك ؟ فقال : ياامير المؤمنين أنا رجل أسبغ الوضوء ، وأحسن صلاتي ، واصل رحمي ، واعف فرجي ونظري ، وأواسى مما رزقني ربى ، فقال " سليمان " ليس بعجب أن يتعداك .